بطلة القصــة (أمــل) تلك الفتــاة المهذبـة الخلوقــة الهادئــة، والتي تبلغ من العمـر 19 عـاما
تعيش فـي أســرة مرفهة جدا فوالدها له صيتـه وسمعته بالمجتمع نظرا لمركزه المرموق
لا ينقصـها شيء فقد وهبها الله تعالى من فضـله العظيمـ ولكن الكمال لله وحـده
فبعد أن تخرجت صاحبتنا من الثانـوية
لمـ يحالفها الحظ بالنسبة لإكمال دراستـها بالجامعــة فالتحقت بإحدى المعاهــد وهناك
تعرفت على إحدى الأخــوات الفاضـلات وكونت صـداقة متينة معها حيث أن طبيعة أمل
اجتماعيـة ، مرحـة ، عفويــة ، مجتهــدة، في يوم من الأيــام قررت تلك الصديقة
أن تحادث أمـل في موضوع مصيــري وجاء اليوم وطلبت منها أن توافق على ابن أختها
كــزوج للمستقبــل وشريك في الحيــاة ستسعد معه أبــد الدهــر
فهو إنسـان طيب وخلوق بل وملتزمـ جــــــدا .. فقالت لها:-
أمــل لا تحملي أي همـ فعبد الله لا يريـد منك إلا أن تكوني متدينة وصالحة
لا أقــل ولا أكثـر وأن تعينه على حفظ القرآن وقيــام الليــــــل
لمـ تنمـ أمــل تلك الليــلة من شـدة الفرح فقد وجدت فارس أحلامها
فهي لا تريد إلا الزوج الصالح الذي يخاف الله فيــها
الخطـــــــوبــــة:-
(عبد الله) لم يكمـل الجامعـة ولكن عنده وظيفة وهو أيضـا من ناحيـة الجمال أقــل بكثيــر
من جمــال عروستنــا أمــل وأيضـا مستـواه المادي متواضع وحتى أنه عندما ذهب إلى بيت
خطيبته أمــل لأول مــرة ظن أن والدها سيطرده ولكن الوالد أوضح له بأنه يشتري رجـلا ولا
يشتري مـالا فارتاح عبد الله لهذا الكــلامـ...
كان صريحا فقد قال لوالد أمــل:
يا عمي عندي مشكلة وأتمنى أن تجد أمـل لها الحل فكثيرا ما تفوتني صــلاة الفجر
أعطى الوالد للخاطب الموافقة المبدأية وذهب لابنته أمــل فقال لها:
بنيتي الولد خلوق وطيب ومحترمـ جدا ولكن مشكلته أن حالته المادية صعبـة جدا
فهل ستقبلي به سكتت الفتــاة خجلا واستحيــاء ثمـ قالت:
وكـيف تدينه يا أبي؟
قال لها: يقول أنه محافظ على الصـلاة وينوي حفظ القرآن ولكن أحيانا تفوته
صــلاة الفجر رغما عنه.. زاد شوق أمــل لرؤيته فهو شاب خلوق
والشباب الطيب نـــادر هذه الأيــام هذا وإن لمـ يكن معدوما
الشـــوفــة:-
تمـ تحديـد موعد النظرة الشـرعيــة واشترط عبد الله أن يكون الأخ معهمـ وليس
الوالد لأنه يستحي...وفعلا أتى اليومـ وقد كانت أمــل في قمة الارتبــاك والخوف
فدخلت قائلة:
الســلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فنهرها أخوها قائـلا: هل تحدثين نفسك ارفعي صــوتك؟
تمنت أمل أن تنشق الأرض وتبلعها حاولت رفع صوتها قدر الإمكان لكن دون جدوى
وذهب كل الحوار وعبد الله يطلب منها أن ترفع صوتها وهي تطالبه بإعادة كــل كلمة
_ _ _ _ _ _ __ _ _ _ _ _ _ _ __ _
خرجت أمـل من الغرفة فاستقبلتها والدة خطيبها وألبستها طقم ذهب (الشبكة كما يقال)
وقد كان جميــلا جدا وغايـة في الذوق
مــرت الأيــام وقرر الأهــل أن يكون حفل عقـد القران (الملكــة) بعد أسبوعين من الخطبة
الرسميــة...
عقـــــــد القــــــــران:
تمـ العقـد في يوم الثــلاثـاء تقــول أمــل:
لقد كانت لحظــة رهيبة فهي مزيج من الفرح والرهبة والتوتر والقلق
ولكنها لحظة لا تنسى أبــدا...
انتهى الحفل في تمام الســاعة الواحدة ليــلا وقد كان الجميع في استياء
حتى إن صديقات أمـل لم يهنئنها كما توقعت استغربت أمــل ولكنها حدثت نفسها بأن
هناك شيء لا تعلمه وتجاهلت الأمـــر
عادت عروستنا الجميــلة مع خطيبــها إلى منزلها بنـاء على طلب منه
ودار بينهما هذا الحــوار:
متى ستنظري إلي يا أمـــل سأكمــل معك سـاعة ولم ترفعي في نظرك ما خطبك؟
لم تجب أمــل فغضب منها وأمســك وجهها وجعلها تنظر إليــه بالقوة
فما كان منها إلا أن نظرت بعينيها إلى الأرض ولمـ تنظر إليه
دقائق وإذا بالباب يدق
من الطارق؟
أنا أبــوك يا أمــل
هرعت مسرعة إلى الباب وفتحت لوالدها
فقال لها: فقط كنت أود أن أسلم عليك فلم أستطع أن أراك في الحفل
وخرج...
فقال لها خطيبها: أمـــــــــل ممكن طلب بسيط؟
فقالت: تفضــل
قال لها: أرجو أن لا تسلمي على والدك وأخوانك أمامي فأنا أشعر بالغيـرة
ابتسمت أمـــل ابتسامة عريضة وقالت لك ذلك وقد كانت في قمة الاندهاش من هذا
الطلب الغريب
كانت أمــل متعبــة جدا فهي في فترة امتحانات ونومها كان سيئا
وعلامات الإرهاق بادية على وجهها فقال لها خطيبها: وقد كانت السـاعة
الثالثة ليــلا!!!
هل أتركك تبدين في غايــة التعب والإرهاق وعيناك بالكاد تفتحينها
فردت عليه من باب المجاملة: لا لا بــأس معك سأنسى التعب
ويمضــــــــــي الوقـــــــــــت
حتى اقترب وقت أذان الفجــر وقد أتت والدة أمــل وهي تعبر عن
انزعاجها من ذلك ولمحت لخطيب ابنتها أمــل بالرحيل
ولكن لا حيــاة لمن تنـــادي
أذن الفجــــر ذهب عبد الله إلى منزله وفي طريقه اتصــل
على أميــرة أحــلامه أمــل وقال لها:
لقد وصلت إلى منزلي وعماتي غاضبون مني
فقالت أمــل: لمـــــــــاذا الغضب ؟
قال: لأنني لمـ أسـهر معك امتعضت أمـــل ولكنها ضحكت من من باب المجاملة
وقالت له خيرها بغيرها إن شــاء الله
وفي نهايــة المكالمة قال لها أنا أعلم يقينا أنك متعبة ولكن كان هذا اختبارا لك
فلو لمـ تجامليني لم أكن أعلم ماذا سأصنع بك
تلقت أمـــل كلام خطيبها بكــل سعة صــدر ولم تهمس ببنت شفة
ومــرت الأيــام .. وكثرت الزيــارات..
واقترب موعد المأســـاة شيئا فشيئا .. لقد خاف عبد الله من أن يفقد خطيبته
وذلك لأنه سمع أن الكثير من الفتيات في العائــلة أخبرن أمــل بمدى تعجبهن من موافقتها
عليه فهو دميــم وهي مقارنة به ملكة جمــال
ولكنها لم تكن تأبه بكلامهن لأن الجمال الحقيقي هو جمــال الروح
فعندما علم خطيبها بما يجري بدأ بتحطيمها رويدا رويدا حتى يقلب الميزان
ويجعلها تشـــعر بأنه هو المتفضــل عليها وأنه ينبغي أن تشكره
على أنه وافق على الارتبــاط بها.. فقال لها: هل تعلمين أنك لمـ نعجبي أمي أبـدا؟
فقد انتقدت شكلك مرارا وتكرارا وشبهتك بإحدى الفتيات القبيحات
سكتت أمـــل وقد كان كلاما غريبا جدا لم تعرف حتى مناسبته
ولكنها سكتت... فهي ذات شخصية ضعيفة جدا
فاستضعفها إلى أن قضى عليها..
ويا ليت الحد وقف على الكلام بل إته تجرأ على ضربها
مرت الأيــام والأســابيع إلى أن جاء ذلك اليـوم الذي
اكتشفت فيه أمــــــــل أمــرا خطيــرا وعيبا جسيما
كانت تهاتف خطيبها بكل شوق ولهفة فقال لها:
عزيزتي أنا يوميــا قبل أن أذهب إلى عملي لابد وأن أمــر على بيتك؟
فقالت بكل حب: لمــاذا؟
تنتظر الكلمات العذبة والمشاعر الفياضة بالحنان
فقال لها:
لكي أتأكد أن ستـــارة غرفتك مقفلة بإحكــامـ؟!!!!
التزمت عروسنا أمــل الصمت وكلها حــيرة ماذا فعلت؟ لماذا يفكر بي هكــذا؟
ولكنها تغاضت عن ذلك وجعلت الموضوع يبدو وكــأنه مزحة أو مداعبــة فظة
_ _ _ _ _ _ _ _ __ _ _ _ _ _ _ _
بدأ الهم يخيــم على أفق أمــل فقد كثرت بينهم النزاعات والشجارات
التي منشؤها الغيـرة والشــك نعمـ إنه الشــك ذلك الداء القاتــل
الذي إذا حــامـ حول بيت الزوجيــة دمـره ولا بــد
الشـك الذي ليس عليه دليل أو برهان أو أصــل وأسباب
وقد سبق أن اتهم خطيبته أمـل في شرفها وعرضها متعلقا بحبـل المزاح
ظنا منه أنه عــذر جيــد
اقترحت عروسنا أمــل على خطيبها الذهاب إلى البحــر لقضـاء
نزهة رومانسيـــة مع نسيمـ الهــواء العليــل فوافق خطيبها
وذهبت هي وأخاها وخطيبها...
لقد كان الجو مظلم ومعتمـ والإضاءات خافتــة
ولكن بالرغم من ذلك قال لها:
أمــل لا أريدك ان تحملي حقيبتك بيدك فضـلا أتركيها داخل السيــارة
فقالت له باندهاش: ولمــاذا؟
قال: لأنك لو حملتيها سيرتفع طرف العباءة فيظهر طرف اللباس
فسكتت احترما لأخيها وألقت بالحقيبة داخل السيارة
وحاولت أن تهدىء أعصـابها...
أثناء سيرهمـ وضعت يدها بيده لتلطيف الجو فكانت المفاجأة أن
دفع يدها وقال لها امسكي العباءة حتى لا تلتصق بجسدك
- علما بأن أمــل ترتدي عباءة على الرأس وقفاز وجوارب-
فمــــاذا تفعــل أكثــر من ذلك؟
أمسكت بالعباءة ودموعها لم تتوقف طيلة المسيــر
وأثنـاء العودة وبفلتة لسان منه اكتشفت طــــــــامة عظمى
وهي أنــــه غير ملتزمـ فالأغاني أغاني والأفــلام أفــلام
فانفجرت باكيــة تحدث نفسها
حشــفا وســـــــوء كيــلة ضحيت بالجمـــال..ضحيت بالمــال..ضحيت
بالحالة الاجتماعيــة الجيـدة.. لا لشيء ولكن لتدينكـ وأخـلاقكـ
حتى هذا فقدته
لا حــــــــول ولا قــوة إلا بالله حسبي الله ونعمـ الوكيــل
أخذت ترددهــــــا والحســـــرة تقطعها فقد تبددت الآمــال والطموحــات
فهي تريد ابنا كعمــر ابن الخطاب في شجاعته وابنة مثل فاطمة الزهراء في
حيــاءها وعفتــها..
عادت إلى المنــزل تجر أذيـــال الخيبــة ولا يعلمـ أحد بما يدور في داخلها
إلا أن الجميــع لاحظ أنها أضربت عن الطعامـ وأصبح شكلها مخيفا بــل مريعا
فقد ذهب بريق جمالها وأصبحت وكأنها ترى شبحا أمامها شاردة الذهن
مكسـورة الخاطر حالها يرثى له
فسألتها أمها: مابك يا ابنتي منذ أن تم عقد قرانك؟
وأنت لم تبتسمي افتقنا روحك الجميــلة وشذاك الفواح ما بك
قالت لها: لا عليــك مجرد اختلاف بسيط
درات الأيــام وبدأ موعد حفل الزفاف بالاقـتراب ...
والمشــاكل في ازديــاد..
من عجائب هذا الشــاب أنه يتحكمـ في طعام خطيبــته
فحرم عليها :
المشروبات الغازية
وكل أكلة مقليــة
ولو ذكرت قائمة الممنوعات لطال المقــام بذكرها
ذهبت أمــل إلى زيــارة خالتها لتناول العشـاء عندها
فقدمت إليها مشروبها المفضـل (سفن أب)
فقال لها أمــل بكل لطف:
عبد الله يمنعني ولا يسعني أن أكســركلامه
ضحكت خالتها متعجبة ولكنها قالتلها :
على راحتكـ عزيزتي
أحس عبد الله بأن أمــل تفكر بالفســخ
فالكلام الجميــل لم يعد يسمعه وذلك الصوت الشجي لم يعد
كما هو فقد كان يقول لها:
أنت وقود حياتي لذلك أتصــل عليك من مكتبي وأتحمل تبعات ذلك
لأسمع كلماتك العذبة الرقيقة التي تشعل في نار الحب
وتدفعني للعطــاء
فقالت في نفسها: وهل جزائي الإهمــال والحرمان
بل والشك والاتهام في أعز ما أملك
في عفتي وطهري
ولكن لشدة شفافيتها وعاطفيتها كانت تذوب
عند أي كلمة جميــلة ولو كانت بسيطة
لما شعر الخبيث بأن أمــل تفكر بالانفصــال
وذلك بعد تكرار المشاكل فحتى الشقة التي اختارتها وهي مملكتها
لمـ يوافق عليها بحجة أن أمه لمـ ترتح لها واتضح بعد ذلك
أنه مخطط حتى تسكن معها في نفس البيت لتفترسها بسهولة
قال لها بعد ان منعته من زيارتها في منزلها وكل أسبوع تخترع عذر
جديد حتى لا يأتي إليها قال لها أرجوك ليكن هذا آخر موعد لقــاء
بعدها افعلي ما تشائين
الله الله في الزينــــة
وإذا بها ترفض لأنها شعرت من نبرة كلامه بنيته الخبيثة
فاتصلت بها خالته التي خطبتها سامحها الله وعليها منه ما تستحق إن كانت ظالمة
قالت لها:
أمــل هل لك أن تزوريني زيارة سرية؟
قالت أمل بتعجب: لم؟
قالت : حتى نحل الخلافات التي بينك وبين خطيبك
لكن يجب أن لا يعلم أحد بالزيــارة حتى والدتك
وصدقيني عبد الله لن يكن موجودا فقط أنا وأنت
لم ترتح أبــدا أمــل لما يحصــــل
وبعد فتــرة تحول ذلك الشخص الجاف الخالي من المشـاعر والأحاسيس
إلى كنز من الحنيــة وفيض من المحبة والرومانسيــة
فبدأت أمــل تنجذب إليه وتنقاد وراء قلبها وعاطفتها
فسمحت له بزيارتها ويا ليتها لمـ تفعل
ولكنه القضـاء والقدر فلله الحمد على كــل حال
افترسها بأشنع ما يكون بل بأســوأ ما يكون
لا يمكن أن يتخــــــــيل أي شخص في العالم كله مالذي عانته ووجدته
بل وقاسته
لا ولن يعلم أحد إلا الله وحده
بعد أن خرج وأخرج مافي رأســه
صعدت أمــــــــل إلى غرفتها والضحك يخنقها والدموع تتسـاقط بدون شـعور
بطريقة أخرى
أصيبت عروسنا بحالة هيستيريا حـــادة
وبقيت صامتة لفترة طويلة من هول الصدمة التي تعرضت
لها..
ومع ذلك كله سكتت وصارت تقنع نفسها بأنه خطيبها وأنه لم يفعل شيء
وأن الأمور لا تزال بخيـــــر
تخيلوا حصل كل ذلك من أول شهر والملكة دامت لأكثر من ثـلاثة أشهر
فما الذي يمكن أن يحصـــل؟!
مرت الأيـــام وقد صــارت أمــل بعد الحادثة إنســــــــــانة مجردة من القيم
والفضـائـــل والعواطف الســاميــة فقد كان يغذي فيها كل خبيث
بل كان يقول لها إن الجنس هو الحيــاة وأنا أريدك أن تكوني مثقـــفـــة
جيدا من تلك الناحيــــــــــة
بعد الكارثة طبعا قررت أمــل أن تسكت وتلغي فكرة الفسخ ..
إلى أن أتى موعد شـراء فستان الفرح
وفي نفس اليوم قالت أمـل لأحتها التي تكبرها سنا:
الحمد لله أن بيتي قريب منكم حتى تواسوني
قالتها عفوية لم تكن مقـصودة أبــدا
فردت أختها: نواسيك!!!!!
أنت عروس فلماذا نواسيك؟!!!!
لم يقطعها عن الحديث إلا انهيـــار أختها الصغيرة أمامهـــــــــــا
فقد أجهشت بالبكــــاء حتى كادت تصعد روحها
وقالت لها كــــــــــــــل شـــيء
حكتلها عن معاناتها لمدة خمسة أشهر
وأنه تم اغتصابها فسكتت خوفا من الفضيحة
فتكرر ذلك مرارا وتكرارا رغما عنها
استصابت الأخت من هو الكــلام ولمـ تصدق ما تسمع
وما كان منها إلا أن شتمتها وعاتبتها على سكوتها الفظيع
وذهبت بها إلى المستشفى..
والحمد لله كانت العواقب سليمـــة
فقامت الأخت بنفسها وذهبت إلى والدها وقصت له ماحدث
دون ذكر الجانب المظلم من الحدث
فكلمه وطلب منه أن يأتي إلى المنزل بعد العشـاء
ولما أتى قال له أعرف عماذا تريد أن تتحدث؟
وصــار يبكي ويقول أنا لا أستطيع أن أعيش من دونها
ولكن هذا لم يجد نفعا
اتصلت خالته حتى تصلح الموضوع وتكلمت مع أمــل لمدة سـاعة كاملة
وهل تدرون مالذي قالته لها؟
كانت المكالمة عبــارة عن تهديــد فهي تقول لها
أمــل أحب أن أنبهك بأنك ستصبحين مطلقة هل تدركين حجم وأبعاد هذه الكلمة؟؟
وأصــلا الرجال كلهم هكذا وأنت مشكلتك مع خطيبك أن بعيدين عن بعض
جسديـــا فلا خبرة لكم بالرجال فلديك أخت واحدة فقط متزوجة أما أنا فأخواتي
المتزوجات كثر..وكلام من هذا النوع
تجاهلت أمــل الكلام وأصرت على رأيها وهي أول مرة تصر فيها على رأي
اقتربت نهاية القصـة كثيرا
في اليوم الذي أتى فيه الخاطب لوالد أمــل
أحضر معه كيس وقال للوالد:
هذه هدية لحبيبة عمري ونصفي الثاني أمـــل
فوضع الوالد الطاهر النقي الكيس على الطاولة
واتصل بابنته أمــل وقد كانت في بيت جدتها
قائلا: بنيتي أمـــل لا تظني أن الموضوع سينتهي بسهولة
عند عودتك ستري هدية من خطيبك بانتظارك
عادت أمـــل إلى المنزل والكل يترقب مالذي سيحصل علما بأن أمـل
عقدت النيـة على عدم العودة ولو أتى بوزنها ذهبا
وصلت إلى المنزل
رأت الكيس من بعيد فصــــرخــــــت بأعلى صوتها ثم سقطت على الأرض
قالت أعرف هذا الكيس معرفة شديدة إنه الكيس الذي أعطيته إياه
به كل الهدايا التي أعطيته إياها وبالفعل كان كلامها صحيح
حتى الورق رماه لها إهانة واحتقارا وازدراء لها
فقالت: الحمد لله أنه قام بفعل هذه الحركة حتى لا أحزن على فراقه
بل أحزن على كل لحظة بل كل ثانيـــة قضيتها معه
وبعد أن انتشــر خبر الفسخ قام الناس بتهنئتها واتضح أن الكل
لمـ يكن يشعر بفرح يوم الملكة بل بالعكس الكل كان قلبه منقبض
ولكنه قدر الله ولا بد أن أمــل قد قصرت كثيرا في الدعاء والاستخارة
تعيش فـي أســرة مرفهة جدا فوالدها له صيتـه وسمعته بالمجتمع نظرا لمركزه المرموق
لا ينقصـها شيء فقد وهبها الله تعالى من فضـله العظيمـ ولكن الكمال لله وحـده
فبعد أن تخرجت صاحبتنا من الثانـوية
لمـ يحالفها الحظ بالنسبة لإكمال دراستـها بالجامعــة فالتحقت بإحدى المعاهــد وهناك
تعرفت على إحدى الأخــوات الفاضـلات وكونت صـداقة متينة معها حيث أن طبيعة أمل
اجتماعيـة ، مرحـة ، عفويــة ، مجتهــدة، في يوم من الأيــام قررت تلك الصديقة
أن تحادث أمـل في موضوع مصيــري وجاء اليوم وطلبت منها أن توافق على ابن أختها
كــزوج للمستقبــل وشريك في الحيــاة ستسعد معه أبــد الدهــر
فهو إنسـان طيب وخلوق بل وملتزمـ جــــــدا .. فقالت لها:-
أمــل لا تحملي أي همـ فعبد الله لا يريـد منك إلا أن تكوني متدينة وصالحة
لا أقــل ولا أكثـر وأن تعينه على حفظ القرآن وقيــام الليــــــل
لمـ تنمـ أمــل تلك الليــلة من شـدة الفرح فقد وجدت فارس أحلامها
فهي لا تريد إلا الزوج الصالح الذي يخاف الله فيــها
الخطـــــــوبــــة:-
(عبد الله) لم يكمـل الجامعـة ولكن عنده وظيفة وهو أيضـا من ناحيـة الجمال أقــل بكثيــر
من جمــال عروستنــا أمــل وأيضـا مستـواه المادي متواضع وحتى أنه عندما ذهب إلى بيت
خطيبته أمــل لأول مــرة ظن أن والدها سيطرده ولكن الوالد أوضح له بأنه يشتري رجـلا ولا
يشتري مـالا فارتاح عبد الله لهذا الكــلامـ...
كان صريحا فقد قال لوالد أمــل:
يا عمي عندي مشكلة وأتمنى أن تجد أمـل لها الحل فكثيرا ما تفوتني صــلاة الفجر
أعطى الوالد للخاطب الموافقة المبدأية وذهب لابنته أمــل فقال لها:
بنيتي الولد خلوق وطيب ومحترمـ جدا ولكن مشكلته أن حالته المادية صعبـة جدا
فهل ستقبلي به سكتت الفتــاة خجلا واستحيــاء ثمـ قالت:
وكـيف تدينه يا أبي؟
قال لها: يقول أنه محافظ على الصـلاة وينوي حفظ القرآن ولكن أحيانا تفوته
صــلاة الفجر رغما عنه.. زاد شوق أمــل لرؤيته فهو شاب خلوق
والشباب الطيب نـــادر هذه الأيــام هذا وإن لمـ يكن معدوما
الشـــوفــة:-
تمـ تحديـد موعد النظرة الشـرعيــة واشترط عبد الله أن يكون الأخ معهمـ وليس
الوالد لأنه يستحي...وفعلا أتى اليومـ وقد كانت أمــل في قمة الارتبــاك والخوف
فدخلت قائلة:
الســلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فنهرها أخوها قائـلا: هل تحدثين نفسك ارفعي صــوتك؟
تمنت أمل أن تنشق الأرض وتبلعها حاولت رفع صوتها قدر الإمكان لكن دون جدوى
وذهب كل الحوار وعبد الله يطلب منها أن ترفع صوتها وهي تطالبه بإعادة كــل كلمة
_ _ _ _ _ _ __ _ _ _ _ _ _ _ __ _
خرجت أمـل من الغرفة فاستقبلتها والدة خطيبها وألبستها طقم ذهب (الشبكة كما يقال)
وقد كان جميــلا جدا وغايـة في الذوق
مــرت الأيــام وقرر الأهــل أن يكون حفل عقـد القران (الملكــة) بعد أسبوعين من الخطبة
الرسميــة...
عقـــــــد القــــــــران:
تمـ العقـد في يوم الثــلاثـاء تقــول أمــل:
لقد كانت لحظــة رهيبة فهي مزيج من الفرح والرهبة والتوتر والقلق
ولكنها لحظة لا تنسى أبــدا...
انتهى الحفل في تمام الســاعة الواحدة ليــلا وقد كان الجميع في استياء
حتى إن صديقات أمـل لم يهنئنها كما توقعت استغربت أمــل ولكنها حدثت نفسها بأن
هناك شيء لا تعلمه وتجاهلت الأمـــر
عادت عروستنا الجميــلة مع خطيبــها إلى منزلها بنـاء على طلب منه
ودار بينهما هذا الحــوار:
متى ستنظري إلي يا أمـــل سأكمــل معك سـاعة ولم ترفعي في نظرك ما خطبك؟
لم تجب أمــل فغضب منها وأمســك وجهها وجعلها تنظر إليــه بالقوة
فما كان منها إلا أن نظرت بعينيها إلى الأرض ولمـ تنظر إليه
دقائق وإذا بالباب يدق
من الطارق؟
أنا أبــوك يا أمــل
هرعت مسرعة إلى الباب وفتحت لوالدها
فقال لها: فقط كنت أود أن أسلم عليك فلم أستطع أن أراك في الحفل
وخرج...
فقال لها خطيبها: أمـــــــــل ممكن طلب بسيط؟
فقالت: تفضــل
قال لها: أرجو أن لا تسلمي على والدك وأخوانك أمامي فأنا أشعر بالغيـرة
ابتسمت أمـــل ابتسامة عريضة وقالت لك ذلك وقد كانت في قمة الاندهاش من هذا
الطلب الغريب
كانت أمــل متعبــة جدا فهي في فترة امتحانات ونومها كان سيئا
وعلامات الإرهاق بادية على وجهها فقال لها خطيبها: وقد كانت السـاعة
الثالثة ليــلا!!!
هل أتركك تبدين في غايــة التعب والإرهاق وعيناك بالكاد تفتحينها
فردت عليه من باب المجاملة: لا لا بــأس معك سأنسى التعب
ويمضــــــــــي الوقـــــــــــت
حتى اقترب وقت أذان الفجــر وقد أتت والدة أمــل وهي تعبر عن
انزعاجها من ذلك ولمحت لخطيب ابنتها أمــل بالرحيل
ولكن لا حيــاة لمن تنـــادي
أذن الفجــــر ذهب عبد الله إلى منزله وفي طريقه اتصــل
على أميــرة أحــلامه أمــل وقال لها:
لقد وصلت إلى منزلي وعماتي غاضبون مني
فقالت أمــل: لمـــــــــاذا الغضب ؟
قال: لأنني لمـ أسـهر معك امتعضت أمـــل ولكنها ضحكت من من باب المجاملة
وقالت له خيرها بغيرها إن شــاء الله
وفي نهايــة المكالمة قال لها أنا أعلم يقينا أنك متعبة ولكن كان هذا اختبارا لك
فلو لمـ تجامليني لم أكن أعلم ماذا سأصنع بك
تلقت أمـــل كلام خطيبها بكــل سعة صــدر ولم تهمس ببنت شفة
ومــرت الأيــام .. وكثرت الزيــارات..
واقترب موعد المأســـاة شيئا فشيئا .. لقد خاف عبد الله من أن يفقد خطيبته
وذلك لأنه سمع أن الكثير من الفتيات في العائــلة أخبرن أمــل بمدى تعجبهن من موافقتها
عليه فهو دميــم وهي مقارنة به ملكة جمــال
ولكنها لم تكن تأبه بكلامهن لأن الجمال الحقيقي هو جمــال الروح
فعندما علم خطيبها بما يجري بدأ بتحطيمها رويدا رويدا حتى يقلب الميزان
ويجعلها تشـــعر بأنه هو المتفضــل عليها وأنه ينبغي أن تشكره
على أنه وافق على الارتبــاط بها.. فقال لها: هل تعلمين أنك لمـ نعجبي أمي أبـدا؟
فقد انتقدت شكلك مرارا وتكرارا وشبهتك بإحدى الفتيات القبيحات
سكتت أمـــل وقد كان كلاما غريبا جدا لم تعرف حتى مناسبته
ولكنها سكتت... فهي ذات شخصية ضعيفة جدا
فاستضعفها إلى أن قضى عليها..
ويا ليت الحد وقف على الكلام بل إته تجرأ على ضربها
مرت الأيــام والأســابيع إلى أن جاء ذلك اليـوم الذي
اكتشفت فيه أمــــــــل أمــرا خطيــرا وعيبا جسيما
كانت تهاتف خطيبها بكل شوق ولهفة فقال لها:
عزيزتي أنا يوميــا قبل أن أذهب إلى عملي لابد وأن أمــر على بيتك؟
فقالت بكل حب: لمــاذا؟
تنتظر الكلمات العذبة والمشاعر الفياضة بالحنان
فقال لها:
لكي أتأكد أن ستـــارة غرفتك مقفلة بإحكــامـ؟!!!!
التزمت عروسنا أمــل الصمت وكلها حــيرة ماذا فعلت؟ لماذا يفكر بي هكــذا؟
ولكنها تغاضت عن ذلك وجعلت الموضوع يبدو وكــأنه مزحة أو مداعبــة فظة
_ _ _ _ _ _ _ _ __ _ _ _ _ _ _ _
بدأ الهم يخيــم على أفق أمــل فقد كثرت بينهم النزاعات والشجارات
التي منشؤها الغيـرة والشــك نعمـ إنه الشــك ذلك الداء القاتــل
الذي إذا حــامـ حول بيت الزوجيــة دمـره ولا بــد
الشـك الذي ليس عليه دليل أو برهان أو أصــل وأسباب
وقد سبق أن اتهم خطيبته أمـل في شرفها وعرضها متعلقا بحبـل المزاح
ظنا منه أنه عــذر جيــد
اقترحت عروسنا أمــل على خطيبها الذهاب إلى البحــر لقضـاء
نزهة رومانسيـــة مع نسيمـ الهــواء العليــل فوافق خطيبها
وذهبت هي وأخاها وخطيبها...
لقد كان الجو مظلم ومعتمـ والإضاءات خافتــة
ولكن بالرغم من ذلك قال لها:
أمــل لا أريدك ان تحملي حقيبتك بيدك فضـلا أتركيها داخل السيــارة
فقالت له باندهاش: ولمــاذا؟
قال: لأنك لو حملتيها سيرتفع طرف العباءة فيظهر طرف اللباس
فسكتت احترما لأخيها وألقت بالحقيبة داخل السيارة
وحاولت أن تهدىء أعصـابها...
أثناء سيرهمـ وضعت يدها بيده لتلطيف الجو فكانت المفاجأة أن
دفع يدها وقال لها امسكي العباءة حتى لا تلتصق بجسدك
- علما بأن أمــل ترتدي عباءة على الرأس وقفاز وجوارب-
فمــــاذا تفعــل أكثــر من ذلك؟
أمسكت بالعباءة ودموعها لم تتوقف طيلة المسيــر
وأثنـاء العودة وبفلتة لسان منه اكتشفت طــــــــامة عظمى
وهي أنــــه غير ملتزمـ فالأغاني أغاني والأفــلام أفــلام
فانفجرت باكيــة تحدث نفسها
حشــفا وســـــــوء كيــلة ضحيت بالجمـــال..ضحيت بالمــال..ضحيت
بالحالة الاجتماعيــة الجيـدة.. لا لشيء ولكن لتدينكـ وأخـلاقكـ
حتى هذا فقدته
لا حــــــــول ولا قــوة إلا بالله حسبي الله ونعمـ الوكيــل
أخذت ترددهــــــا والحســـــرة تقطعها فقد تبددت الآمــال والطموحــات
فهي تريد ابنا كعمــر ابن الخطاب في شجاعته وابنة مثل فاطمة الزهراء في
حيــاءها وعفتــها..
عادت إلى المنــزل تجر أذيـــال الخيبــة ولا يعلمـ أحد بما يدور في داخلها
إلا أن الجميــع لاحظ أنها أضربت عن الطعامـ وأصبح شكلها مخيفا بــل مريعا
فقد ذهب بريق جمالها وأصبحت وكأنها ترى شبحا أمامها شاردة الذهن
مكسـورة الخاطر حالها يرثى له
فسألتها أمها: مابك يا ابنتي منذ أن تم عقد قرانك؟
وأنت لم تبتسمي افتقنا روحك الجميــلة وشذاك الفواح ما بك
قالت لها: لا عليــك مجرد اختلاف بسيط
درات الأيــام وبدأ موعد حفل الزفاف بالاقـتراب ...
والمشــاكل في ازديــاد..
من عجائب هذا الشــاب أنه يتحكمـ في طعام خطيبــته
فحرم عليها :
المشروبات الغازية
وكل أكلة مقليــة
ولو ذكرت قائمة الممنوعات لطال المقــام بذكرها
ذهبت أمــل إلى زيــارة خالتها لتناول العشـاء عندها
فقدمت إليها مشروبها المفضـل (سفن أب)
فقال لها أمــل بكل لطف:
عبد الله يمنعني ولا يسعني أن أكســركلامه
ضحكت خالتها متعجبة ولكنها قالتلها :
على راحتكـ عزيزتي
أحس عبد الله بأن أمــل تفكر بالفســخ
فالكلام الجميــل لم يعد يسمعه وذلك الصوت الشجي لم يعد
كما هو فقد كان يقول لها:
أنت وقود حياتي لذلك أتصــل عليك من مكتبي وأتحمل تبعات ذلك
لأسمع كلماتك العذبة الرقيقة التي تشعل في نار الحب
وتدفعني للعطــاء
فقالت في نفسها: وهل جزائي الإهمــال والحرمان
بل والشك والاتهام في أعز ما أملك
في عفتي وطهري
ولكن لشدة شفافيتها وعاطفيتها كانت تذوب
عند أي كلمة جميــلة ولو كانت بسيطة
لما شعر الخبيث بأن أمــل تفكر بالانفصــال
وذلك بعد تكرار المشاكل فحتى الشقة التي اختارتها وهي مملكتها
لمـ يوافق عليها بحجة أن أمه لمـ ترتح لها واتضح بعد ذلك
أنه مخطط حتى تسكن معها في نفس البيت لتفترسها بسهولة
قال لها بعد ان منعته من زيارتها في منزلها وكل أسبوع تخترع عذر
جديد حتى لا يأتي إليها قال لها أرجوك ليكن هذا آخر موعد لقــاء
بعدها افعلي ما تشائين
الله الله في الزينــــة
وإذا بها ترفض لأنها شعرت من نبرة كلامه بنيته الخبيثة
فاتصلت بها خالته التي خطبتها سامحها الله وعليها منه ما تستحق إن كانت ظالمة
قالت لها:
أمــل هل لك أن تزوريني زيارة سرية؟
قالت أمل بتعجب: لم؟
قالت : حتى نحل الخلافات التي بينك وبين خطيبك
لكن يجب أن لا يعلم أحد بالزيــارة حتى والدتك
وصدقيني عبد الله لن يكن موجودا فقط أنا وأنت
لم ترتح أبــدا أمــل لما يحصــــل
وبعد فتــرة تحول ذلك الشخص الجاف الخالي من المشـاعر والأحاسيس
إلى كنز من الحنيــة وفيض من المحبة والرومانسيــة
فبدأت أمــل تنجذب إليه وتنقاد وراء قلبها وعاطفتها
فسمحت له بزيارتها ويا ليتها لمـ تفعل
ولكنه القضـاء والقدر فلله الحمد على كــل حال
افترسها بأشنع ما يكون بل بأســوأ ما يكون
لا يمكن أن يتخــــــــيل أي شخص في العالم كله مالذي عانته ووجدته
بل وقاسته
لا ولن يعلم أحد إلا الله وحده
بعد أن خرج وأخرج مافي رأســه
صعدت أمــــــــل إلى غرفتها والضحك يخنقها والدموع تتسـاقط بدون شـعور
بطريقة أخرى
أصيبت عروسنا بحالة هيستيريا حـــادة
وبقيت صامتة لفترة طويلة من هول الصدمة التي تعرضت
لها..
ومع ذلك كله سكتت وصارت تقنع نفسها بأنه خطيبها وأنه لم يفعل شيء
وأن الأمور لا تزال بخيـــــر
تخيلوا حصل كل ذلك من أول شهر والملكة دامت لأكثر من ثـلاثة أشهر
فما الذي يمكن أن يحصـــل؟!
مرت الأيـــام وقد صــارت أمــل بعد الحادثة إنســــــــــانة مجردة من القيم
والفضـائـــل والعواطف الســاميــة فقد كان يغذي فيها كل خبيث
بل كان يقول لها إن الجنس هو الحيــاة وأنا أريدك أن تكوني مثقـــفـــة
جيدا من تلك الناحيــــــــــة
بعد الكارثة طبعا قررت أمــل أن تسكت وتلغي فكرة الفسخ ..
إلى أن أتى موعد شـراء فستان الفرح
وفي نفس اليوم قالت أمـل لأحتها التي تكبرها سنا:
الحمد لله أن بيتي قريب منكم حتى تواسوني
قالتها عفوية لم تكن مقـصودة أبــدا
فردت أختها: نواسيك!!!!!
أنت عروس فلماذا نواسيك؟!!!!
لم يقطعها عن الحديث إلا انهيـــار أختها الصغيرة أمامهـــــــــــا
فقد أجهشت بالبكــــاء حتى كادت تصعد روحها
وقالت لها كــــــــــــــل شـــيء
حكتلها عن معاناتها لمدة خمسة أشهر
وأنه تم اغتصابها فسكتت خوفا من الفضيحة
فتكرر ذلك مرارا وتكرارا رغما عنها
استصابت الأخت من هو الكــلام ولمـ تصدق ما تسمع
وما كان منها إلا أن شتمتها وعاتبتها على سكوتها الفظيع
وذهبت بها إلى المستشفى..
والحمد لله كانت العواقب سليمـــة
فقامت الأخت بنفسها وذهبت إلى والدها وقصت له ماحدث
دون ذكر الجانب المظلم من الحدث
فكلمه وطلب منه أن يأتي إلى المنزل بعد العشـاء
ولما أتى قال له أعرف عماذا تريد أن تتحدث؟
وصــار يبكي ويقول أنا لا أستطيع أن أعيش من دونها
ولكن هذا لم يجد نفعا
اتصلت خالته حتى تصلح الموضوع وتكلمت مع أمــل لمدة سـاعة كاملة
وهل تدرون مالذي قالته لها؟
كانت المكالمة عبــارة عن تهديــد فهي تقول لها
أمــل أحب أن أنبهك بأنك ستصبحين مطلقة هل تدركين حجم وأبعاد هذه الكلمة؟؟
وأصــلا الرجال كلهم هكذا وأنت مشكلتك مع خطيبك أن بعيدين عن بعض
جسديـــا فلا خبرة لكم بالرجال فلديك أخت واحدة فقط متزوجة أما أنا فأخواتي
المتزوجات كثر..وكلام من هذا النوع
تجاهلت أمــل الكلام وأصرت على رأيها وهي أول مرة تصر فيها على رأي
اقتربت نهاية القصـة كثيرا
في اليوم الذي أتى فيه الخاطب لوالد أمــل
أحضر معه كيس وقال للوالد:
هذه هدية لحبيبة عمري ونصفي الثاني أمـــل
فوضع الوالد الطاهر النقي الكيس على الطاولة
واتصل بابنته أمــل وقد كانت في بيت جدتها
قائلا: بنيتي أمـــل لا تظني أن الموضوع سينتهي بسهولة
عند عودتك ستري هدية من خطيبك بانتظارك
عادت أمـــل إلى المنزل والكل يترقب مالذي سيحصل علما بأن أمـل
عقدت النيـة على عدم العودة ولو أتى بوزنها ذهبا
وصلت إلى المنزل
رأت الكيس من بعيد فصــــرخــــــت بأعلى صوتها ثم سقطت على الأرض
قالت أعرف هذا الكيس معرفة شديدة إنه الكيس الذي أعطيته إياه
به كل الهدايا التي أعطيته إياها وبالفعل كان كلامها صحيح
حتى الورق رماه لها إهانة واحتقارا وازدراء لها
فقالت: الحمد لله أنه قام بفعل هذه الحركة حتى لا أحزن على فراقه
بل أحزن على كل لحظة بل كل ثانيـــة قضيتها معه
وبعد أن انتشــر خبر الفسخ قام الناس بتهنئتها واتضح أن الكل
لمـ يكن يشعر بفرح يوم الملكة بل بالعكس الكل كان قلبه منقبض
ولكنه قدر الله ولا بد أن أمــل قد قصرت كثيرا في الدعاء والاستخارة