يعد التمساح النيلى لغز، يحير المصريين منذ قديم الأزل لدرجة أن القدماء
المصريين قدسوه وعبدوه وأطلقوا عليه اسم الإله "سوبك" واعتبروه رمزا للقوة،
وشيدوا له المعابد فى مناطق إسنا وكوم أمبو والفيوم وغيرها، كما يوجد
العديد من محنطات التمساح النيلى والبيض الخاص به فى بعض المتاحف المصرية
ومن أشهرها المتحف الزراعى المصرى، ومؤخرا تم إنشاء متحف خاص للتمساح
النيلى بمعبد كوم أمبو بمحافظة أسوان، الذى يضم عدداً كبيراً من التماسيح
المحنطة.
"رفعت صبرى" عضو مجلس إدارة الجمعية التعاونية لصيد الأسماك الأم بأسوان،
يحكى لنا خبرته عن التماسيح النيلية قائلاً: إن التماسيح تفضل العيش فى
الأخوار والمناطق الهادئة بعيدا عن الخيام التى ينصبها الصيادون على شواطئ
بحيرة ناصر، ولكن هذا لا يمنع من أن عددا كبيرا من الصيادين يخافون من
الاستحمام فى بحيرة ناصر، خوفا من افتراس التماسيح لهم فجأة.
وقال صبرى، إن التماسيح منتشرة بكثافة خاصة مناطق "كروسكو والسبوع والسيالة
شرق وادى العرب والمالكى وشاتورما"، وكان بعض الصيادين فى الماضى يقومون
بصيد هذه التماسيح قبل حظر صيدها بواسطة وزارة البيئة، وذلك بواسطة سنارة
كبيرة، موضحا أنه من المعروف أن التمساح حينما يبلع الطعم تحدث له حالة
هياج شديدة لفترة معينة ثم يهدأ تماما وبعد ذلك يقوم الصيادون بسحبه ووضع
قطعة خشب فى فمه حتى تنغرس فيها أسنانه وبعدها يتم ربطه بالحبال جيدا حتى
لا يتحرك.
وأوضح صبرى، أن الحوادث التى تعرض لها الصيادون بسبب التماسيح تعتبر قليلة
نسبيا وتعد على أصابع اليد منها على سبيل المثال التهام تمساح لصياد فى
منطقة السبوع فى المنطقة الوسطى من بحيرة ناصر منذ بضع سنوات، حينما كان
هذا الصياد يتوضأ للصلاة وهجم عليه تمساح ضخم فجأة وسحبه من رجله إلى وسط
المياه وافترسه تماما، ولم يتبق من جثة هذا الصياد سوى أجزاء وقطع لحم
صغيرة ألقاها ذلك التمساح على البر فى اليوم التالى من الحادث وجمعها
زملاؤه الصيادون وقاموا بتكفينها ودفنها.
وأشار إلى أن أحد التماسيح قام أيضا بالتهام ميكانيكى فى منطقة ميناء أسوان
منذ بضع سنوات، ولم يتبق من جثته سوى النصف السفلى فقط، موضحاً أن
التماسيح حينما تجوع فإنها تأكل أى حيوانات موجودة على البر مثل الكلاب أو
الحمير أو الخراف، حيث يقوم التمساح بضرب هذا الحيوان ضربة قوية بذيله ثم
يفترسه بعد ذلك، وتعتبر التماسيح أخطر ما يمكن حينما يقترب أحد من صغارها
أو المكان الذى تضع فيه البيض.
ويشير إلى أن التماسيح تأكل كميات كبيرة من الأسماك يوميا مما يؤثر على
الإنتاج السمكى فى بحيرة ناصر، علاوة على أنها تقوم بتقطيع شباك الصيد بل
إنها تأكل الأسماك العالقة فى شباك الصيد أحيانا مما يؤدى إلى تمزقها.
من جانبه، أكد المهندس محمد عزت مسئول وحدة إدارة التمساح النيلى التابع
لإدارة المحميات الطبيعية بأسوان، أن التماسيح كائنات غير أليفة، ولكنها فى
نفس الوقت لا تمثل أى خطورة أو تهديد على الصيادين فى بحيرة ناصر، ولم
تحدث سوى ثلاثة أو أربعة حوادث فقط للصيادين بسبب التماسيح خلال العشرين
عاما الماضية بدليل أن الصيادين ينصبوا خيامهم على شواطئ بحيرة ناصر بالقرب
من المياه بدون أدنى خوف ولا توجد حواجز بينهم وبين التماسيح، ولكن الشكوى
الأساسية الصيادين هى أن التماسيح تقوم بتقطيع شباك الصيد الخاصة بهم
وتأكل الأسماك العالقة بها، أن الصياد لا يخشى على حياته من التمساح بل
يخاف بصورة أكبر على تقطيع شباك الصيد التى تمثل مصدرا لرزقه.